قد يسمع الكثيرون بسيبويه لكنهم لا يعرفون ان اسمه الحقيقي عمرو بن عثمان، وسيبويه لقب له، وذلك عند الحديث عن الشخصيات الإسلامية التي تركت لها بضمة في التاريخ في المجالات المختلفة، فمنهم البارع في التفسير أو الحديث أو الفقه، ومنهم في الرياضيات والفيزياء، ومنه في التدوين التاريخي، ومنهم في العلوم السياسية أو العسكرية، ومن بين هؤلاء داهية العرب في اللغة وحفلها الذي لا يبارى، سيبويه، فمن هو عمرو بن عثمان صاحب الصيت المنتشر في أساطين الكتابة واللغة.
محتويات
من هو عمرو بن عثمان
هو إمام اللغة وبارعها الشهير عمرو بن عثمان بن قنبر الفارسي البصري المكنى بأبي بشر والملقب بـ”سيبويه” أبدع في النحو أسس له القواعد كحجة للعرب، ومفصلاً يعودون إليه عند اختلافهم، ولد في منطقة البيضاء من قرية شيراز ببلاد فارس، حيث نهل من معينها العلمي في صغره قبل أن يرحل للبصرة، يطلب علم الفقه والحديث من العلوم الشرعية فكان من المجتهدين فيها، قبل أن يهتم باللغة ويفردها جل وقته، فقطع شوطاً كبيراً في ذلك، قبل أن يتفرغ للغة العربية ويصنف فيها التصانيف ويفردها بالاهتمام ليصبح سيد عصره في ذلك.
وقد أخذ اللغة ونهل من معينها على يد الكثيرين من أهلها من أبرزهم الخليل بن أحمد الفراهيدي، وحماد بن سلمة و أبو الخطاب الأخفش ويونس بن حبيب، وعيسى بن عمرو، ومن أكثرهم فائدة لسيبويه الفراهيدي الذي تعلم منه النحو والصرف ولزم مجالسه وأخذ من علمه حتى صنف كتابه الشهير بكتاب سيبويه.
لماذا سمي عمرو بن عثمان بسيبويه
ترجع تسمية عمرو بن عثمان بسيبويه لأنه كان له وجنتان بارزتان جميلتان كالتفاح، كما كان يقول العيشي عنه ( كان سيبويه يجلس في المسجد، وكان شابًا نظيفًا وجميلًا وكان جامعًا لشتى أصناف العلم على الرغم من صغر سنة)، فكانت له هيبة، كما كان يحضر المجالس وله ذؤبتان تنحدران من عمامة رأسه، ويوماً عقد يحيى البرمكي مجلساً للمناظرة بينه وبين الكسائي فأبدع سيبويه فيها بالرغم من حجة الكسائي.
ومرة كان يجلس عند حماد بن سملة فسمع حديثاً لرسول الله -صلى الله عليه وسلم (ليس من أصحابي إلا من لو شئتُ أخذتُ عليه ليس أبا الدّرداء) فقال “سيبويه”: “ليس أبو الدّرداء” ظاناً أنه اسم ليس، فقال حمّاد:( لحنت يا سيبويه، ليس هذا حيث ذهبتَ، وإنّما ليس هنا استثناء، فقال: لا جرم، سأطلب علماً لا تلحنني فيه أبدا)، فبدأ طلب النحو حتى فاق شيوخه.
دراسته النحو ومنهجه في التصنيف
درج طلبة العلم في زمان عمرو بن عثمان على دراسة الفقه والحديث والتفسير في بداية طلبهم، ثم التخصص، فكان ذلك سبيل سيبويه قبل أن يتخصص في النحو، فأخذ الحديث على يد حماد بن سلمة، ثم أخذ اللغة من الفراهيدي فجمع العلم وأحكمه واضعاً خلافه فقاء اللغة فيها ثم ترجيحه للحكم الذي يميل إليه.
وكان من منهاجه أنه يعتمد على طبيعته الفطرية والأمثلة التي يدرجها، وكان يكثر الإستشهاد بالقرأن لأنه يرى سلامته قطعاً من لحون اللغة وأنا حجة مستقلة بذاتها، كما استشهد ببعض نصوص الأحاديث النبوية في تأكيد مفاهيم لديه، ومن العلماء من يرى أن علم اللغة قد تمازج مع الحديث والقرأن والعلوم الشرعية وبعضهم يرد ذلك لتصنيفات سيبويه ” إمام النحاة” الذي جرى منواله على ذلك فتأثر من بعده بهذا السبيل والمنهاج من استخدامه لمصطلحات الحديث والفقهاء في كتاباته المختلفة، وهو ما ترك لدى بعض الباحثين هذا التعليل في إرجاع الخلط بين العلوم.