قال تعالى:” قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ* النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ* إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ* وَهُمْ عَلَىٰ مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ* وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَن يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ* الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ وَاللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ* إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ”، أعتقد ان ما وردت فيه الآية الكريمة واضح لما سنقدمه في مقالنا هذا، فهو نعم قصة أصحاب الاخدود والتي عرفت منذ القدم عن فتى حارب ملك من الملوك الظلمة في ذلك الوقت، وفيما يلي سرداً للقصة والتي من شانها ان تبين كيف الإيمان بالله واليقين يفعل المعجزات وأيضا نسردها ليس لمجرد المتعة والترفيه وإنما لأخذ العبر والعظة منها، لنعمل بمقتضاها .

قصة أصحاب الأخدود

كان ملكٌ فيمن كان قبلكم وكان لهُ ساحرٌ، فلما كبرَ قال للملكِ: إني قد كبرتُ، فابعث إليَّ غلامًا أُعلِّمُه السحرَ، فبعث إليهِ غلامًا يُعلِّمُه فكان في طريقِه، إذا سلك، راهبٌ. فقعد إليهِ وسمع كلامَه فأعجبَه. فكان إذا أتى الساحرَ مرَّ بالراهبِ وقعد إليهِ. فإذا أتى الساحرَ ضربَه. فشكا ذلك إلى الراهبِ.

فقال: إذا خشيتَ الساحرَ فقل: حبسني أهلي. وإذا خشيتَ أهلك فقل: حبسني الساحرُ.

فبينما هو كذلك إذ أتى على دابةٍ عظيمةٍ قد حبستِ الناسَ.

فقال: اليومَ أعلمُ آلساحرُ أفضلُ أم الراهبُ أفضلُ؟ فأخذ حجرًا فقال: اللهم إن كان أمرُ الراهبِ أحبُّ إليك من أمرِ الساحرِ فاقتل هذهِ الدابةَ حتى يمضي الناسُ، فرماها فقتلها ومضى الناسُ .

فأتى الراهبَ فأخبرَه فقال لهُ الراهبُ: أي بنيَّ! أنت اليوم أفضلُ مني، قد بلغ من أمرك ما أرى، وإنك ستُبتلى فإن ابتُليتَ فلا تَدُلَّ عليَّ. وكان الغلامُ يُبرئُ الأكمهَ والأبرصَ ويُداوي الناسَ من سائرِ الأدواءِ، فسمع جليسٌ للملكِ كان قد عمي فأتاهُ بهدايا كثيرةٍ

فقال: ما ههنا لكَ أجمعُ إن أنتَ شفيتني. فقال: إني لا أشفي أحدًا، إنما يشفي اللهُ. فإن أنت آمنتَ باللهِ دعوتُ اللهَ فشفاكَ. فآمنَ باللهِ فشفاهُ اللهُ. فأتى الملك فجلس إليهِ كما كان يجلسُ. فقال لهُ الملكُ: من ردَّ عليك بصرك؟ قال: ربي. قال: ولك ربٌّ غيري؟ قال: ربي وربك اللهُ. فأخذَه فلم يزل يُعذبْه حتى دَلَّ على الغلامِ.

فجئَ بالغلامِ، فقال لهُ الملكُ: أي بنيَّ! قد بلغ من سحركَ ما تُبرئُ الأكمهَ والأبرصَ وتفعلُ وتفعلُ؟ فقال: إني لا أشفي أحدًا، إنما يشفي اللهُ. فأخذَه فلم يزل يعذبْه حتى دلَّ على الراهبِ، فجئ بالراهبِ، فقيل لهُ: ارجع عن دينك. فأبى. فدعا بالمئشارِ فوُضع المئشارُ على مفرقِ رأسِه فشقَّه حتى وقع شِقَّاه. ثم جئ بجليسِ الملكِ فقيل لهُ: ارجع عن دينك. فأبى. فوُضعَ المئشارُ في مفرقِ رأسِه، فشقَّهُ بهِ حتى وقع شِقَّاهُ.

ثم جئ بالغلامِ فقيل لهُ: ارجع عن دينك. فأبى. فدفعَه إلى نفرٍ من أصحابِه فقال: اذهبوا بهِ إلى جبلِ كذا وكذا. فاصعدوا بهِ الجبلَ فإذا بلغتم ذروتَه، فإن رجع عن دينِه وإلا فاطرحوهُ. فذهبوا بهِ فصعدوا بهِ الجبلَ . فقال : اللهم ! اكفنيهم بما شئتَ. فرجف بهم الجبلُ فسقطوا، وجاء يمشي إلى الملك. فقال لهُ الملكُ ما فعل أصحابك؟ قال: كفانيهم اللهُ. فدفعَه إلى نفرٍ من أصحابِه فقال: اذهبوا بهِ فاحملوهُ في قرقورٍ، فتوسَّطوا بهِ البحرَ فإن رجع عن دينِه وإلا فاقذفوهُ. فذهبوا بهِ فقال: اللهم اكفنيهم بما شئتَ. فانكفأت بهم السفينةُ فغرقوا وجاء يمشي إلى الملكِ. فقال لهُ الملكُ: ما فعل أصحابك؟ قال: كفانيهم اللهُ.

فقال للملكِ: إنك لستَ بقاتلي حتى تفعلَ ما آمرك بهِ. قال: وما هو؟ قال: تجمعُ الناسَ في صعيدٍ واحدٍ وتُصلبني على جذعٍ. ثم خذ سهمًا من كنانتي ثم ضعِ السهمَ في كبدِ القوسِ ثم قل: باسمِ اللهِ ربِّ الغلامِ ثم ارمني. فإنك إذا فعلت ذلك قتلتني.

فجمع الناسَ في صعيدٍ واحدٍ، وصلبَه على جذعٍ ثم أخذ سهمًا من كنانتِه ثم وضع السهمَ في كبدِ القوسِ ثم قال: باسمِ الله ربِّ الغلامِ ثم رماهُ فوقع السهمُ في صدغِه، فوضع يدَه في صدغِه في موضعِ السهمِ فمات. فقال الناسُ: آمنَّا بربِّ الغلامِ. آمنَّا بربِّ الغلامِ. آمنَّا بربِّ الغلامِ. فأتى الملكُ فقيل لهُ : أرأيتَ ما كنت تحذرُ ؟ قد، واللهِ نزل بك حذرك، قد آمنَ الناسُ. فأمر بالأخدودِ في أفواهِ السككِ فخُدَّت، وأُضرمَ النيرانُ، وقال: من لم يرجع عن دينِه فأحموهُ فيها. أو قيل له: اقتحم. ففعلوا حتى جاءت امرأةٌ ومعها صبيٌّ لها فتقاعست أن تقعَ فيها فقال لها الغلامُ: يا أمه! اصبري فإنكِ على الحقِّ .

الدروس المستفادة من القصة

نسيق لكم بعض الدروس والعبر والعظة من هذه القصة العظيمة والتي تحمل العديد من الفضائل، ومن هذه الدروس المستفادة والجدير بالمسلمين عامة الاخذ بها والعمل بمقتضاها، وهي :

  • أهمية تربية الأبناء على طاعة الله وحثهم على عبادته في السراء والضراء .
  • تعليق نفوس المدعوين بالله وحده .
  • الثقة التامة بالله تعالى واليقين بما كتب لنا .
  • الإصرار على تبليغ دعوته، وعدم الخنوع والتقاصع في تبليغها مهما اشتدت الكربات والمصائب .
  • الإيمان جذوة لا تخمد، وشمس لا تغيب .

حيث من قصة أصحاب الاخدود نفهم منها انها مبدأ أساسي وراسخ في الدين، وذلك لعدم ترك أي حجة للذين يتقاعسون  في تبليغ دين الله عزوجل؛ وذلك بسبب الخوف من الموت أو العزل، وإنما دين الله ها هنا يمثله طفل وامه يلقون في الجحيم من اجل أن يرتدوا عن دينهم، ولكن ابوا الا ان يموتوا في سبيل الله عزوجل .