حسن الخلق جماع الخير، والسمة التي تميز الإنسان الصالح عن الفاسد، والسبيل الموصل إلى رضا الله تعالى، ومحبة الخلق، وطريق الرفعة للفرد بشكل خاص والمجتمع بشكل عام، ولأهمية ذلك كان لا بد من موضوع تعبير عن حسن الخلق، والجوانب المختلفة التي تتعلق به.

معنى حسن الخلق

الخلق هو الدين والسجية والطبع وحسنها يعني جيدها، وسيئها يعني رديئها، فحسن الخلق يمن تعريفه بأنه الطباع الصالحة والمنظومة القيمية التي يمكن أن يتحلى بها الإنسان ليتميز بالصوابية والرضا عن ذاته، والخير بين أفراد المجتمع من خلال صفاته وسلوكياته المختلفة التي تعد كمبادئ سامية يتعارف الجميع على صحتها.

حسن الخلق عند الله ورسوله

حسن الخلق من المنظومات الراقية التي حبب الله العباد إلى سلوكها واتباعها، كما أن النبي صلى الله عليه وسلم قد حبذ إلى امتثاله، ومن قبله الأنبياء عليهم السلام أجمعين، فقد قال الله تعالى في مدح النبي صلى الله عليه وسلم ( وإنك لعلى خلق عظيم ) ثم أرشد الناس أجمعين إلى متابعته فقال (وما أتاكم الرسول فخذوه ومانهاكم عنه فأنتهوا ) ومن أهم ما يتبع الرسول فيه أخلاقه في كافة جوانب الحياة في العبادات والمعاملات، مع أحبابه ومع أعدائه.

وقد أرشد الرسول صلى الله عليه وسلم إلى حسن الخلق، فجعل غاية بعثته نبياً ليزرع في الناس حسن الخلق، فقال: ( إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق ) وجعل ذلك الهدف موصلاً إلى محبة الله ومحبته، وضامن القرب منه في الآخرة فقال ( إن من أحبكم إلي وأقربكم مني مجلسا يوم القيامة أحاسنكم أخلاقا ).

وعلى ذلك ربى رسول الله صلى الله عليه وسلم على حسن المكارم وجميل الخصال من الأخلاق الحميدة، حتى انتشر دين الإسلام بهم، وأحبهم الناس في كل أرض يصلون إليهم لما يلمسون منهم من أخلاقهم الرفيعة، التي جعلت الكثير منهم يسلمون ويدخلون إلى دين اله زرافات ووحداناً.

أهمية حسن الخلق

ولعظيم حسن الخلق ومكانته الرفيعة لدى الحضارات والمجتمعات فإنهم يشددون عليه، ويسعون لنيل النصيب الكبير منه، بحيث أن أهمية حسن الخلق لا تقتصر على الفرد وحسب بل تترك أثرها على المجتمع، فمن أهمية حسن الخلق تحقيق الغاية من خلق الإنسان بامتثال عبادة الله الحقة وطاعته وتلبية نداءات الأنبياء والفوز بالجنة والنجاة من النار، ثم تحقيق رضا الإنسان عن نفسه وسعادته بحسن خصاله، ورضا الناس عنه، ما يزرع في المجتمع التكاتف والألفة وينمو بالمنظومة الأخلاقية التكاملية للمجتمع ككل، وتحقيق التعاون بين أبنائه ما يجعله من المجتمعات الراقية والناجحة بين المجتمعات الأخرى، ويشكل الاحترام في العلاقات بين المجتمعات الأخرى مع هذا المجتمع في المعاهدات والاتفاقات والصفقات التي يمكن عقدها، وغير ذلك من الأهمية التي يحملها حسن الخلق.

صور من حسن الخلق

كثيرة هي الصور التي تعبر عن حسن الخلق لدى الإنسان صاحب الشمائل الحسنة، ومن أوضح الصور عن ذلك النبي صلى الله عليه وسلم وحسن خلقه، فقد كان يعاشر أزواجه ويساعدهم حتى وصفته عائشة بقولها (فإن خلق نبي الله صلى الله عليه وسلم كان القرآن)، كما أنه كان يعامل خادمه أنس بن مالك رضي الله عنه كأنه سيداً بحسن طباعه وخصاله، فقد رضي الله عنه (خدمت رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر سنين، فوالله ما قال لي: أف قط، ولم يقل لشيء فعلته : لم فعلت كذا ، ولا لشيء لم أفعله ألا فعلت كذا).
كما أنه كان حسن الخلق مع أعدائه فعن حذيفة بن اليمان رضي الله عنهما قال: ما منعني أن أشهد بدرًا إلا أني خرجت أنا وأبي حسيل. قال: فأخذنا كفار قريش. قالوا: إنكم تريدون محمدًا؟ فقلنا: ما نريده، ما نريد إلا المدينة، فأخذوا منا عهد الله وميثاقه لننصرفنَّ إلى المدينة، ولا نقاتل معه_ أي مع النبي في غزوة بدر ضد كفار قريش_ فأتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرناه الخبر، فقال: (انصرفا، نفي لهم بعهدهم، ونستعين الله عليهم).

خاتمة عن حسن الخلق

وبعد النماذج المشرقة التي قدمنها، والأهمية التي أسلفناها في موضوع تعبير عن حسن الخلق، فإن ذلك يستحثنا جميعاً لتحسين أخلاقنا لنرقى بأنفسنا ومجتمعاتنا.